انتحار أحد أفراد العائلة أمر مزعج للغاية، ومواجهة هذه الأزمة أو التعامل معها يستغرق الكثير من الوقت والجهد، فيجب أن يعي الفرد حقيقة أنّ الانتحار دائماً ما يكون حلّ اليائس للمشكلة، وأنّه لا يمكن منع جميع حالات الانتحار، وعادة ما يؤدّي انتحار أحد أفراد العائلة إلى أزمات صادمة وغالباً ما تستغرق مواجهة هذه الأزمات والتعامل معها وقتاً أكثر من الوقت الذي يستغرقه الفرد للتغلّب على حوادث الموت الطبيعية لأحد أفراد عائلته، وفي البداية، يصبح من الصعب أن يصدّق الفرد أنّ حالة الانتحار قد حدثت بالفعل، فالانتحار أمر يصعب على الفرد تقبّله.
عندما ينتحر شخص مقرّب، يعاني المحيطون به من المشاعر المؤلمة، ويبلغ الشعور بالذنب ذروته عند الفرد، كما يجلب لهم الشعور بالخزي والغضب الشديد، ومع ذلك، لا يقدر الفرد على تحمّل الحزن الشديد الذي ينتابه ولا تحمل فكرة تغيّر الحياة من حوله بشكل لا رجعة فيه.
يمكن أن يؤدّي انتحار أحد أفراد العائلة إلى توحيد أفراد عائلته أو تفرقتهم، حيث تختلف طريقة تعامل الأفراد مع الأزمات، وقد تؤدّي هذه الاختلافات إلى حالات الارتباك وأحياناً إلى صراعات. فقد يؤدّي ذلك إلى إصابة شخص ما بالشلل النفسي وبالتالي يبدو ذلك الشخص هادئاً نسبيّاً، بينما يقوم آخرون بإلقاء اللّوم على غيرهم، ومنهم من ينهمك في العمل أو يحاول مساعدة الآخرين بدلاً من التركيز على حالته الشخصية، فمن الضروري إدراك عدم وجود طريقة واحدة صحيحة للتعبير عن الحزن والأسى، وعلى الرغم من ذلك ينبغي على الفرد تجنّب محاولة التغلّب على حالته بتناول الخمور أو أي من الأدوية المخدّرة.
فضلاً عن اختلاف طرق التعبير عن الحزن، تختلف أيضاً محاولات الأفراد على التأقلم مع الأزمات، حيث يشعر معظم الأفراد بالحاجة الملحّة إلى التحدّث عمّا حدث والتغلّب على الأزمة بالحديث عنها. بينما يرغب آخرون في التأمّل في صمت صوناً للخصوصية. ويرى بعض الأفراد أنّ ممارسة الرياضة أو الرسم أو الكتابة على سبيل المثال هي الحلّ المناسب للتغلّب على الأزمة. وعادة ما يستمد الأفراد طاقتهم من مصادر مختلفة، مثل المشاعر أو الأفكار أو المعتقدات أو القيم أو المعرفة أو حتى الإحساس الجسدي، ثم يبدؤون في بناء مستقبل جديد شيئاً فشيئاً.
يحقّ لأقارب الشخص المنتحر وأصدقائه أن يحظوا بمستقبل أفضل، فهم لن ينسوا الحادث أبداً ولكن من الممكن أن يتغلّبوا عليه وأن تتحسّن حياتهم. فبمجرّد مرور فترة كافية من الوقت على الحادث والتعامل معه بطريقة سليمة، يستعيد الأفراد صحّتهم النفسية. وفي بعض الأحيان تصبح أفضل مما كانت عليه من قبل. فضلاً عن استعادتهم لقوّتهم وإرادتهم للعيش. وحتى يحدث ذلك، يتعيّن على أقارب الشخص المنتحر وأصدقاءه قبول كلّ المساعدة الممكنة، وأن يعبّروا عن حزنهم بطريقتهم الخاصّة ويشعروا بالسعادة كلّما أمكن ذلك.
توفّر المنظمات التالية خدمات الدعم والمساعدة لأقارب الشخص المنتحر وأصدقائه
مركز إدارة الأزمات SOS
ينظم مركز إدارة الأزمات SOS دورات إعادة التأهيل المبكّر المجانية إلى أقارب الشخص المنتحر وأصدقائه، وينظّم بعض الدورات في جميع أنحاء البلاد، وتهدف دورات إعادة التأهيل المبكّر إلى منع إطالة فترة الحزن، والتحفيز على المعافاة من خلال تبادل التجارب مع غيرهم من الأفراد ممّن يمرّون بنفس أزمتهم، وقد يقوم المركز أيضاً بتحديد موعد مع أحد العاملين في مجال الأزمات أو الاتصال بالخط الساخن للأزمات.