تصميم موقع كهذا باستخدام ووردبريس.كوم
ابدأ

الأشخاص السامّون يسمّمون حياتنا

لهذا نسمّيهم بالأشخاص المسمومين.

الشخص السام هو شخص يقنعك بأنّه بحاجة لوجودك في حياته كي تعينه وتدعمه نفسياً، بينما يكون في الواقع هو من يستمتع بالضغط عليك نفسياً وإشعارك بالضعف والمعاناة، كي يتغذّى على ضعفك ويمنح نفسه الشعور بالتفوّق والقوّة مقابل ضعفك. إذ يُسقط عليك كلّ المشاعر السلبيّة في داخله ثمّ يلومك عليها، دافعاً إيّاك للدفاع عن نفسك.

الأشخاص السامّون سامّون لأنّ الارتباط بهم يحبطك باستمرار، يجعلك نافراً من كلّ شيء، بل وحتّى تكره نفسك، يعرّفنك بمصطلحاتهم فقط. هم سامّون لأنّهم يسمّمون حياتك. قد يؤذي الأشخاص السامّون الأشخاص الذين يحتاجون إلى التعافي؛ ولكن هذا احتمال غالب، إذ هو كيفيّتهم في اصطياد فرائسهم؛ عن طريق إقناع الفريسة بأنّهم هم من يحتاج إلى التعافي والمساعدة، وليس أنت، وبالتالي يجب عليك البقاء والمساعدة أو الشفاء.

مثلاً، استطعت المضيّ في عطلات الشتاء دون مشاكل، نوعاً ما. التقيت مع تلك الأم أو الأب أو العمّة أو العم أو الأخ أو الأخت السامّة. كيف تشعر بعدها؟ غالباً، ستكون إجابتك هي أحد هذه الأربعة:

  1. أشعر وكأنّني قبضتهم؛ قضمت مع كلّ منهم وما أطعموني.
  2. أشعر بمرارة الخيانة، أنّني استُخففت واستُغلت.
  3. أشعر بالضياع. أنا محطّم… من جديد.
  4. وضعت بعض الحدود اللائقة وأشعر أنّهم ما استطاعوا هزيمتي هذه المرّة.

من الواضح أنّ الإجابة الأكثر صحّيّة لجميع الأطراف هي رقم 4. ولكن غالباً ما يتعين علينا المرور عبر الأرقام 1 و 2 و 3 مرات عديدة قبل أن نتمكن من الوصول إلى الرقم 4. تجاربنا مع محاولاتنا لردّ هجماتهم، من الخيانة والاستخفاف والإساءة، ومشاعر الضياع أو الانهيار، كلّها تهدف إلى أن تقودنا حتماً إلى المكان الذي يمكننا البدء فيه ببناء حدود صحّية ولائقة.

إذاً، كيف نفعل ذلك؟ طيّب، أولاً علينا فهم أنّ تلك الحدود ليست جدراناً. غالباً ما نرفع أسواراً حيث نبتغي رسم حدود فقط. لكن، لا تسئ فهمي؛ أحياناً يكون الجدار مطلوباً وكافياً. الجدار هو صدّ دائم. بني ليبقى. بُني ليمنع الدخول. بُني ليصنع مسافة ما بين الأطراف. وأحياناً يكون صدّ دائم من هذا النوع مطلوباً لحماية أنفسنا من الأذى، حيثما كان الأذى عاطفيّاً وجسديّاً أو جنسيّاً. ببساطة علينا إزالة بعض الأشخاص من حياتنا. أنت أو أنت ومعالجك يمكن لكم الاختيار معاً فيمن هم هؤلاء الأشخاص السامّون.

لكن، في غير أوقات، لا نحتاج إلى الجدران والأسوار من حولنا، كلّ ما نحتاجه آنذاك هو سياج بسيط. سياج مع بوّابة وبوّاب؛ هو أنت. ذلك أنّ السياج يرسم خطوط السيادة. تقرّر حيث تتوقّف وحيث أبدأ. تقرّر أنّك قادر على الدخول حين أقول أنا أنّك قادر على الدخول. تقرّر أنّ هذا المظهر من سلوكك مقبول لكن ذلك المظهر غير مقبول. تقرّر إلى متى يمكنك البقاء. لذا، فإنّ أهمّ جانب لهذا النوع من الحدود هو تحديد خطوط السيادة. يجب أن أعرف تماماً أين أتوقّف وأين تبدأ؛ قبل أن أتمكّن من وضع حدود مناسبة. فكيف يمكنني معرفة ذلك؟

يجب أن أدرك نفسي؛ المعامِلات الداخلية لذهني وقلبي واختياراتي. هذا لا يعني أنّني أعرف نفسي بدقّة. لكن هذا يعني أنّني أعرف الفرق بين ما هي آرائي وما هي آراؤك. ما هي مشاعري وما هي مشاعرك. ما هو خياري وما هو خيارك. ما هي أهمّيّة هذا عندما يتعلّق الأمر بالأشخاص السامّين؟ لأنّ الأشخاص السامّين سوف يستخدمون جهلك بهذه الأشياء للتلاعب بك وخداعك واستغلالك.

إذا كنت لا تعرف ما هي مشاعرك، فقد أتمكّن من خداعك للاعتقاد بأنّ مشاعري هي بالفعل مشاعرك. على سبيل المثال: تحاول دائماً جاهداً أن تكون لطيفاً وحنوناً مع الآخرين، لذلك لا تحبّ أن تغضب. ولذلك، فغالباً ما لا تنتبه لمشاعرك حين تكون غاضباً. وبالتالي، عندما أكون غاضباً، قد أتمكّن من الصراخ عليك لأتوقّف عن غضبي الشديد، ولأنّك تخشى أن تكون غاضباً، فقد تعتقد أنّك قلت أو فعلت شيئاً أظهر الغضب في اتجاهي. ستشعر بعد ذلك بالأسف الشديد لغضبك منّي وتقدّم اعتذار. ما حدث للتو في هذا التبادل هو سام. لماذا؟ لأنّني كنت قادراً على إعطائك المسؤولية عن مشاعري. جعلتك تعتقد أنّك كنت غاضباً، لأنّ ذلك كان أسهل من الاعتراف لنفسي أنّني غاضب منك. كما أنّه يسمح لي بالتلاعب بك، لأنّه بمجرد إقناعك بأنك مذنب بكونك غاضب، تصير طيّعاً أكثر.

من ناحية أخرى، إذا كنت تعرف نفسك جيّداً وبما يكفي لتعرف متى تكون غاضباً ومتى لا تكون، فلن تتحمّل المسؤولية عن مشاعري بهذه الطريقة. وكنت ستتمكّن من إعادة هذه المسؤولية إليّ مباشرة: “لا، أنا لست غاضباً، ولكن يبدو أنّك غاضب جدّاً، وإذا كنت تريد إخباري، فأنا على استعداد لسماع السبب بالتفصيل” أو “نعم، أنا غاضب وهذا هو السبب”. غالباً في هذه المرحلة، ينكر الشخص السام أيّ غضب ويصرّ على أنّك المشكلة هنا. في هذه المرحلة، قد يقول الشخص الذي يتمتّع بحدود صحّية شيئاً مثل “إذا كانت لديك النيّة للعمل على هذا الأمر، فأنا سعيد للعمل عليه معك، لكنّني لست على استعداد للبقاء في مجادلة كلّ غايتها هي لومي على مشاعرك”.

أكثر الأشياء سُميّة في الشخص السامّ هي عدم استعداده لتحمل المسؤوليّة عن أفعاله وأفكاره وعواطفه. ما يعنيه هذا بالعموم؛ هو أنّه سيُسقط أو يلوم الشخص الآخر على هذه الأشياء. لذلك، إذا كنّا سنقضي أي وقت على الإطلاق مع الأشخاص السامّين، يجب أن نتعرّف على أنفسنا، وأن نقرّر خطوطنا السيادية، ونعرف أين نضع الحدود. وإذا تهاونّا برسم حدود صحّية، فلربما نحتاج إلى الكثير من الجدران.

المصدر

الإعلان

من تأليف مؤنس بخاري

باحث عربي مستقل، شغوف بالطهي وتاريخه وتراثه، دارس للمطبخ ومدوّن في علومه. مدوّن باحث في التاريخ الاجتماعي ومتخصّص في الهندسة المجتمعية. أحبّ التدوين وأهوى البحث عن أصول الكلمات ومنابعها، وللإمساك بالأصول أتسلّق عرائش الحكايات بالمقلوب، فأعود من اليوم إلى أبعد ما يمكن في الأمس، وعلى مسار خطوات العودة تأتي الاستعادة؛ فأضع هنا خلاصة سيرة حياة كلمة.

2 تعليقات

  1. شكراً على الموضوع الهام.

    أستطيع أن أضيف من خلال تجربتي، أنّ أسوء أنواع العلاقات السامة أيضاً، هي تلك العلاقة التي تتسم بالابتزاز العاطفي.
    يتميّز الشخص الذي يعيش على ابتزاز الآخرين، بأنّه كريم زيادة عن اللزوم، وتتعدد أشكال الكرم، من كلام جميل وجلسات رائعة أو طعام لذيذ أو أي شكل يجعل الضحيّة بحاجة هذا الشخص (إدمان بشكلٍ ما)، ويتمثّل الابتزاز بقطع هذا الكرم فجأة وتحوّل الابتسامة إلى وجهٍ غاضب أو نافر.
    للأسف ان الكثير من الأشخاص الذين يعيشون على الابتزاز يحيطون بنا وقريبين منّا. إذا كان في محيطك شخص ما من هذا النوع فأنصحك بأحد الخيارات:
    – إذا كان هذا الشخص مقرّب منك وأنت على علاقة وثيقة معه بشكل من الأشكال (أخ، أخت، زوجة، زوج، حبيب، قريب،…..الخ) أن يتم الكلام معه عن الموضوع بشكل واضح وصريح وأن تُعرِّفه على الابتزاز بطريقة واضحة وتُسمي الابتزاز العاطفي بشكل صريح (لأن الغالب لا يعلم ماذا يصنع) وفي هذا فائدة للطرفين.
    – أما إذا كان شخصاً لا يُهمك أمره كثيراً، أو أنك جرّبت الكلام معه حول الموضوع ولم ينفع، فأنصحك بالابتعاد، الابتعاد، وسيُحاول ابتزازك لأنك تبتعد أو ابتعدت.
    – إذا كان المُبتز أحد أفراد العائلة أو شخص لا تستطيع أن تبتعد عنه، عليك بالتخلي عن كل الأشياء التي تعطيه القوة في ابتزازك. تخلّى عن كل العروض التي يقدمها حتى في أفضل الأجواء، لا تقبل الهدايا المُبالغ بها، بَيِّن لهذا الشخص أنّك تمتلك خيارات أخرى غيره، هذا يُساعِد أيضاً على شفائه.
    أمّا إشارات الابتزاز:
    – تستطيع التعرف على الابتزاز فوراً عند التعرف على شخص جديد، ذلك الكرم المبالغ به، والالتصاق بك بشدّة، واللطف المبالغ به، و محاولة ملئ حياتك فجأة بخيره و جوده وكرمه عليه أن يكون إشارة إلى احتمال وجود صفة الابتزاز العاطفي في هذا الشخص.
    – لا تملِك خيار رفض عروض الشخص الابتزازي. هذه إشارة قوية.
    – الشخص الابتزازي يتلاعب بالعواطف، عليه أن يضمن أولاً بأنه كسب عاطفتك و بشكلٍ ما اهتمامك.

    تركت تعليقاً مقتضباً، أتمنى أن يكون فيه بعض الفائدة، ولأني عانيت من مثل هؤلاء أشخاص في محيطي، كنت أتمنى أن أتوسّع أكثر في الموضوع

    أتمنى للجميع حياةً مليئة بالهدوء والسلام

    إعجاب

أضف تعليق

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s

%d مدونون معجبون بهذه: